الاستزراع المائي.. قطاعٌ داعمٌ للاقتصاد الوطني وجاذبٌ للاستثمارات المحلية والدولية
يعد البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة السمكية في المملكة، والذي وافق على إنشائه مجلس الوزراء بالقرار رقم (514)، وتشرف عليه وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ استراتيجيةً وطنية شاملة لتطوير قطاع الثروة السمكية وتعزيز دوره الاقتصادي والتنموي المستدام.
ويهدف البرنامج إلى تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية للمملكة في مجال الثروة السمكية، ودعم قطاع الاستزراع المائي لزيادة مساهمته في إجمالي الناتج الوطني، وكذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتغطية احتياجات المملكة من الأغذية البحرية، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل ودعم الاقتصاد بالمملكة.
الاستزراع المائي
يعرّف الاستزراع المائي بأنه: تربية أنواع محددة من الأحياء المائية (الأسماك، القشريات، المحاريات، الطحالب، وغيرها)، وذلك تحت سيطرة الإنسان وظروف محكمة، وضمن مساحات معينة في أحواض ترابية أو خرسانية أو أقفاص عائمة.
ويتكون من نوعين: الأول: الاستزراع المائي في المياه الداخلية من خلال مزارع خاصة بذلك، والنوع الآخر: الاستزراع المائي في مياه البحر المالحة داخل أقفاص عائمة.
بدايته في السعودية
بدأ الاستزراع المائي في المملكة العربية السعودية قبل 35 عاماً، بناءً على توصيات قدمتها هيئات دولية للمملكة، ضمن دراسة وضع الثروة السمكية في المملكة، وكانت أولى الخطوات التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية "الفاو" لإنشاء مركز المزارع السمكية بجدة (مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة حالياً) عام 1982م، وذلك لدراسة الأنواع المحلية المناسبة للاستزراع المائي من الأسماك، وإدخال تقنيات التفريخ والاستزراع، وتدريب الكوادر الوطنية، والقيام بالدراسات المتعلقة باختيار المواقع المناسبة للاستزراع المائي، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني والاستشاري للمزارع المائية الناشئة في ذلك الوقت.
التطور والإنجاز
تطور هذا القطاع مع مرور الأيام حتى أصبحت صادراته من أعلى الصادرات في المملكة العربية السعودية، وباتت المملكة واحدة من المصدرين الرئيسيين للروبيان الأبيض على مستوى العالم، بطاقة إنتاجية وصلت في العام 2018م إلى 60 ألف طن، منها 50 ألف طن صادرات لأكثر من 32 دولة في العالم.
كما تستهدف وزارة البيئة والمياه والزراعة أن يصل الإنتاج إلى 100 ألف طن من مختلف الأنواع البحرية في العام 2020، و600 ألف طن في العام 2030م بإذن الله.
الهدف الاستراتيجي
تسعى وزارة البيئة إلى تطوير قطاع الاستزراع المائي والمنافسة به عالمياً؛ نظراً لكونه قطاعاً واعداً ومؤثراً على التنمية والاقتصاد وداعماً للاقتصاد الوطني، ومن أسرع القطاعات الغذائية نمواً بمعدل 6% سنوياً.
وتهدف الوزارة من خلال ذلك إلى تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي للمملكة، وتغطية احتياجاتها من الأغذية البحرية، وتنمية المناطق الريفية الساحلية، والحد من هجرة السكان إلى المدن الكبيرة، إضافة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية من خلال تخفيف الضغط عن المصايد.
كما تستهدف توطيد مجالات الشراكة مع القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية في إنشاء مشاريع الاستزراع المائي ومصانع الأعلاف وتجهيز المنتجات السمكية، إضافة إلى إيجاد فرص عمل للشباب من الجنسين تصل إلى 24 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، والوصول إلى نسبة سعودة تبلغ 50% في القطاع.
لماذا المملكة؟
يمتلك قطاع الاستزراع المائي مجالاً كبيراً للنمو في المملكة؛ لتمتعها بموارد طبيعية وافرة على امتداد الخط الساحلي البالغ طوله أكثر من 2.600 كيلو متر، وامتلاكها قدرة استيعابية لـ 5 ملايين طن من الأسماك.
كما تعرف المملكة عالمياً بالجودة المتماشية مع برامج المعايير الدولية للأمن الحيوي، حيث تسعى لأن تكون جميع الشركات العاملة في القطاع حاصلة على شهادة أفضل ممارسات الاستزراع المائي (BAP).
مبادرات رؤية المملكة 2030
ضمن مبادرات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الذي أطلقه مؤخراً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، كان لوزارة البيئة والمياه والزراعة 5 مبادرات رائدة متعلقة بقطاع الاستزراع المائي، ستسهم - بإذن الله - في زيادة الناتج الوطني ودعم الاقتصاد المحلي وتحقيق الأمن الغذائي.
وتتمثل هذه المبادرات في: مبادرة "الحملات التسويقية"، التي تهدف إلى التعريف بالفوائد الصحية والقيمة الغذائية للمأكولات البحرية، والحث على تناولها وزيادة استهلاك الفرد منها؛ من 9 كغم إلى 13 كغم، كما تهدف إلى زيادة الوعي العام بأنواع الأسماك المنتجة محلياً، وإبراز جودتها مقارنة بالأسماك المستوردة.
وأما المبادرة الثانية فهي مبادرة "حملات جذب المستثمرين"، وتهدف إلى زيادة الاستثمار في قطاع الاستزراع المائي، من خلال جذب شركات استثمارية محلية وعالمية جديدة في السوق، وهو ما يساعد على تحسين الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات وتخفيض نسبة الاستيراد، وكذلك تحقيق المنافسة الشاملة التي ستؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج الأسماك وزيادته.
وثالث هذه المبادرات، مبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم التجمعات البحرية"، والتي تهدف إلى إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، وتوفير خدمات لوجستية متكاملة، إضافة إلى تطوير مرافئ الصيد والأرصفة العائمة ومصانع الثلج ومحطات الوقود والورش الخاصة بصيانة القوارب وغير ذلك، وجعلها مواقع تحتوي على الخدمات الأساسية التي تخدم المستفيدين المباشرين، علاوة عن خلق بيئة جاذبة للسياحة.
وأما رابعها فهي مبادرة "تطوير البنية التحتية لدعم الاستزراع المائي"، والتي تهدف إلى تهيئة البنية التحتية (المفارخ، ومصانع الأعلاف، ومصانع التجهيز) للوصول إلى إنتاج ٦٠٠ ألف طن من الأسماك بحلول العام 2030، كما تهدف إلى استدامة صناعة الاستزراع المائي، وتوفير فرص العمل للجنسين، إضافة إلى التشجيع على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والتقليل من واردات مدخلات صناعة الاستزراع المائي.
وأخيراً تأتي المبادرة الخامسة، وهي مبادرة "دعم البحث والتطوير لتحسين إنتاجية مصائد الأسماك"، وذلك بالتعاون مع المؤسسات البحثية الشهيرة محلياً ودولياً، بهدف إدخال أنواع جديدة من الأسماك ذات جدوى اقتصادية، وتطوير أنظمة الأعلاف وضمان جودتها، إضافة إلى الحد من نفوق الأسماك وتحسين صحتها، وإنشاء مراكز الأبحاث وتطويرها لتصبح مراكز عالية الكفاءة وقادرة على توفير الخبرة والمشورة والمساهمة في تقديم التقنيات الحديثة في عمليات الاستزراع المائي.