إن ما تشهده المملكة من تطور ورُقي على كافة الأصعدة في ظل حكومتنا الرشيدة والدعم الدائم واللامحدود من ولاة الأمر حفظهم الله لنقل المملكة لمصاف الدول المتقدمة، وما توليه من اهتمام بالغ لقطاع الصحة والغذاء والبيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية، ومع زيادة الوعي لدى شريحة كبيرة من المجتمع وزيادة الاهتمام بمكونات الغذاء ومصادره وطريقة إنتاجه وأثر ذلك على الصحة والبيئة والموارد الطبيعية، مع ما لوحظ من وإقبال على شراء المنتجات الغذائية العضوية المستوردة، وتوجه المراكز التجارية الغذائية الى توفيرها لتغطية الطلب المتزايد عليها من قبل المستهلك في المملكة، تولدت فكرة تبني نشاط الزراعة العضوية كأسلوب زراعي يعتمد على ممارسات سليمه وفق معايير ومواصفات واشتراطات محددة يمكن من خلالها تحقيق أهداف رئيسية كالمحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية وتعزيز الاستدامة في الإنتاج الزراعي وتنمية المجتمعات الريفية بالإضافة إلى إنتاج أغذية ذات جودة عالية وآمنة وخالية من أي متبقيات كيميائية أو إضافات مصنعة، بالإضافة إلى مواجهة الطلب على المنتجات العضوية محليا، وزيادة العائد الاقتصادي للمزارع ، ونتيجة ذلك زادت حركة نمو نشاط الزراعة العضوية مما حدا بوزارة البيئة والمياه والزراعة أن تضع على عاتقها مسؤولية تنظيم هذا النشاط وتنميته وتطويره بما يتوافق مع التوجه العالمي.
فقد قامت الوزارة بإنشاء مشروع تطوير الزراعة العضوية وذلك بالتعاقد مع شركة GIZ الألمانية وذلك لتوفير بيت خبرة لوضع الخطط المناسبة لتطوير نشاط الزراعة العضوية بالمملكة، حيث امتد هذا المشروع لخمسة مراحل وخلال الفترة من( 2005 – 2017م)، ووضع خلالها عدد من الخطط التي ساهمت في تنمية قطاع الزراعة العضوية من الناحية الإنتاجية والتنظيمية والتشريعية، وكذلك على مستوى الحلول التسويقية، وهنا نتطرق إلى أهم القرارات المُنظِمة والداعمة لنشاط الزراعة العضوية بالمملكة العربية السعودية:
أولاً: تأسيس الجمعية السعودية للزراعة العضوية عام 1428هـ.
ثانياً: تأسيس إدارة الإنتاج العضوي بوزارة البيئة والمياه والزراعة عام 1429هـ.
ثالثاً: تخصيص وتحويل مركز الأبحاث الزراعية بمنطقة القصيم التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة لمركز أبحاث الزراعة العضوية عام 1432هـ.
رابعاً: قرار مجلس الوزراء رقم (395) بتاريخ 5/9/1435هـ بالموافقة على نظام (قانون) الزراعة العضوية بالمملكة.
خامسا: قرار مجلس الوزراء رقم (324) بتاريخ 2/8/1437هـ بالموافقة على سياسة الزراعة العضوية بالمملكة.
سادسا: الموافقة الوزارية على خطة العمل التنفيذية لسياسة الزراعة العضوية رقم (34 / 1056 / 1439 ) بعام 2018م
سابعاً: كما صدرت في عام 2023م موافقة سعادة وكيل الوزارة للزراعة على "دليل اللائحة التنفيذية لمعايير والمواصفات نشاط الزراعة العضوية.
ومن الاعمال التي تم التركيز عليها لأهميتها في حركة القطاع منذ عام 2005م عقد ورش العمل والمحاضرات للمزارع التقليدية بهدف نشر ثقافة الزراعة العضوية والتوعية بفوائدها البيئية والصحية وحثهم على ممارسة الزراعة العضوية في حقولهم وحتى يكون إنتاجهم عضوي يتوج في النهاية بشهادة توثيق تثبت بأن منتجاتهم عضوية، وتصدر هذه الشهادات من شركات توثيق تقوم بزيارات تفتيشية دورية على المزارع العضوية، ويكون للمزارعين الحق في وضع الشعار السعودي للمنتجات العضوية على منتجاتهم والذي سوف يؤدي إلى خروجهم من حده المنافسة بالسوق وتمييز منتجاتهم عن غيرها.
من الأدوار الهامة التي تقوم بها الوزارة في هذا المجال إضافة لما سبق، تقديم الإرشاد للمزارع الراغبة في التحول بكافة مناطق المملكة وتأهيليهم لتحويل ممارستهم في مزارعهم للزراعة العضوية، وكذلك تقديم الدعم الفني لجميع المزارع العضوية أو التي تحت التحول، ومن الدعم الذي يقدم تغطية تكاليف التفتيش التي تدفع لجهات التوثيق لعدد من المزارع العضوية في مختلف مناطق المملكة وذلك بعد تقييم المزارع من المختصين في هذا المجال، بالإضافة إلى الدعم المالي المباشر المخصص للمزارع العضوية والتي تحت التحول وفقا لخطة العمل التنفيذية لسياسة الزراعة العضوية
ولله الحمد .. فقد أصبح اليوم نشاط الزراعة العضوية بالمملكة في تطور ونمو مستمر وذلك من خلال تلمس كثير من المؤشرات والتي من أهمها اتساع رقعة الأراضي الزراعية الموثقة عضويا والذي انعكس على زيادة الإنتاج المحلية من الأغذية العضوية المحلية بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في أعداد المزارع العضوية والراغبة بالتحول لها، كما يعد زيادة حركة طلب المنتجات العضوية من قبل المستهلكين وزيادة استيراد المنتجات العضوية بمختلف أنواعها بالإضافة إلى اهتمام منافذ البيع بتوفير المنتجات العضوية نتيجة للطلب الملحوظ من قبل المستهلك تعتبر مؤشرات هامة لنمو وتطور نشاط الزراعة العضوية في المملكة، وتأكيدا لذلك النمو والتطور يمكن الاطلاع البيانات الإحصائية لنشاط الزراعة العضوية، حيث بلغ إجمالي المساحات الزراعية الموثقة عضويا (23.315) هكتار، كما بلغ إجمالي كميات الإنتاج من المنتجات الزراعية العضوية لنفس العام (95.298) طن، أما بالنسبة للإنتاج الحيواني فقد بلغ عدد الماشية العضوية أكثر من (3740) رأس، أما بالنسبة للدواجن العضوية فتجاوز عددها (12000) طائر، وعلى مستوى تربية النحل وإنتاج الأعسال العضوية فبلغ عدد الخلايا العضوية أكثر من (10,000) خلية بإنتاج تجاوز (27.000) طن من الأعسال ومنتجات النحل العضوية.
وختاماً، تجدر الإشارة إلى أن سياسة الزراعة العضوية وخطة عملها التنفيذية وبما تضمنته من أنشطة وتدابير، لعبت دوراً هاما في تطوير وتنمية الزراعة العضوية في المملكة منذ دخولها حيز التنفيذ مطلع عام 2018م، حيث تشير جميع التوقعات وبالأخذ في الاعتبار معدلات النمو السنوي إلى استمرار النمو في نشاط الزراعة العضوية على مستوى المساحات الزراعية وكميات الإنتاج خلال السنوات القادمة بمشيئة الله تعالى.