المقدمة :
تعتبر المياه أحد أهم محاور التطور الاقتصادي والاجتماعي، حيث أنها أساسية لتلبية الاحتياجات البشرية، وإدارة البيئة، وضمان استدامة التطور الاقتصادي. وعلى الرغم من أهمية المياه، إلا أن المملكة تواجه تحديات كبيرة نظراً للاستخدام غير المستدام لموارد المياه، فضلاً عن محدودية مخزون المياه الجوفية غير المتجددة، التي تشهد استنزافاً متسارعاً. وفي ظل الظروف المناخية القاحلة، تعد المياه المتجددة نادرة، علماً بأن الطلب المرتفع على المياه في القطاع الزراعي يفاقم من مشكلة ندرة المياه في المملكة. وتمثل المياه وخدمات الصرف الصحي في القطاع الحضري تكلفة مرتفعة على الدولة، وتحتاج مستويات الخدمة إلى تحسين الجودة ،كما يتطلب القطاع تحسين الأوضاع المؤسسية وآليات الحوكمة.
وفي إطار ذلك، قامت وزارة البيئة والمياه والزراعة بتطوير إطار مرجعي موحد لقطاع المياه يتضمن استراتيجية شاملة للمياه تعمل على دمج التوجهات والسياسات والتشريعات والممارسات في قطاع المياه على المستوى الوطني مع الهدف الرئيس المتمثل في مواجهة التحديات الرئيسية وإعادة هيكلة القطاع. ويتضمن العمل العديد من العناصر بما في ذلك إشراك الجهات المعنية وتقييم الوضع الراهن للقطاع عبر مجموعة من الأبعاد مثل الطلب على المياه، وموارد المياه، وعمليات القطاع، والعوامل التمكينية، ويحدد طبيعة وحجم الثغرات بين العرض والطلب، بالإضافة إلى اقتصاديات القطاع تحت سيناريوهات مختلفة.
تقييم الوضع الراهن
تم إجراء تقييم الوضع الراهن لقطاع المياه في المملكة من خلال اعتماد إطار متكامل يضم العديد من المحتويات التي تغطي الجوانب الحرجة في القطاع. واعتمد التقييم كذلك على العديد من الدراسات السابقة، والمقابلات الشخصية مع أصحاب العلاقة الرئيسيين، والمقارنة المعيارية مع نماذج دولية.
ونظرا لأن المملكة تمتلك مخزونا احتياطيا محدودا من المياه الجوفية غير المتجددة القابلة للاستغلال، ولمعدلات إعادة تعويض منخفضة (2.8 مليار متر مكعب في الدرع العربي).
وتشهد متطلبات المياه في المملكة (التي قدرت عام 2015 بحوالي 24.8 مليار متر مكعب) زيادة سنوية ثابتة بنسبة 7%، يمثل قطاع الزراعة فيها المستهلك الأكبر للمياه في المملكة، بنسبة 84% من إجمالي الطلب على المياه. ويعكس استخدام المياه في القطاع الزراعي تحدياً بيئياً نظراُ لاعتماده على الموارد غير المتجددة، التي تمثل 90% من إجمالي المياه الموردة للقطاع.
ويعود الاستعمال المرتفع للمياه في القطاع الزراعي إلى الثغرات في سياسات قطاع المياه، والتشريعات وأوجه القصور العامة في الاستخدام. حيث تستهلك الأعلاف وحدها 67% من متطلبات المياه في القطاع الزراعي، بينما تبلغ كفاءة الري 50% في الوقت الحالي مقارنة مع ما يزيد عن 75% وفقاً لأفضل الممارسات.
وعلى الرغم من ندرة المياه، إلا أنه لا يتم استغلال المياه المعالجة بصورة كافية نظراً لمحدودية البنية التحتية والتحديات المتعلقة بتغيير التفكير السائد، ومحدودية الإشراف التشريعي وحوافز التسعير.
ويتيح استهلاك المياه في القطاع الحضري لكل فرد العديد من فرص التحسين، الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال تقليل الفاقد من المياه (تقدر بما يزيد عن 25% في مناطق مختلفة)، وفي المباني. وذلك من خلال تحديد مؤشرات أسعار وحوافز للمحافظة على المياه.
وفي ظل الاعتماد الكبير على تحلية المياه (60% من إجمالي إمدادات المياه في القطاع المدني)، وإلى جانب الدعم الحالي، يفرض هذا القطاع أعباء عديدة على الاقتصاد السعودي، كما ترتفع تكلفة وحدة الإنتاج المرتفعة نسبياً بسبب ارتفاع تكاليف النقل عبر ضخ المياه من السواحل إلى الداخل. ويعتمد القطاع كذلك بصورة كبيرة على الوقود. بالإضافة إلى ذلك، تترك تحلية المياه بصمة بيئية واسعة.
تهدف استراتيجية المياه الوطنية السعودية 2030 إلى العمل على التصدي لجميع التحديات الرئيسية، والاستفادة من الدراسات السابقة والمستمرة، وإصلاح قطاع المياه والصرف الصحي لضمان التنمية المستدامة للموارد المائية في المملكة مع توفير خدمات ذات جودة عالية وبأسعار معقولة.
الاستراتيجية :
تتألّف الاستراتيجية الوطنية للمياه من رؤية وأهداف استراتيجية وبرامج ومبادرات مصاحبة.
الرؤية والأهداف
يتمثل بيان الرؤية في: " قطاع مياه مستدام ينمي الموارد المائية ويحافظ عليها ويصون البيئة ويوفر إمداد آمن وخدمات عالية الجودة والكفاءة تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية". وتم تفصيل بيان الرؤية في خمسة أهداف استراتيجية كما يلي:
1. ضمان الوصول المستمرّ إلى كميات كافية من المياه المؤمنة في الحالات العادية وفي حالات الطوارئ.
2. تحسين إدارة الطلب على المياه في جميع الاستخدامات.
3. تقديم خدمات مياه وصرف صحي عالية الجودة وموفِرة للكلفة لضمان أسعار مقبولة.
4. المحافظة على موارد المياه وتحسين استخدامها مع المحافظة على البيئة المحلية لما فيه مصلحة المجتمع السعودي حاليا ومستقبلا.
5. ضمان تنافسية قطاع المياه ومساهمته الإيجابية في الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الحوكمة الفعالة ومشاركة القطاع الخاص وتوطين القدرات والابتكار.
برامج ومبادرات الاستراتيجية
تم اُستخلاص البرامج والمبادرات الاستراتيجية من الأهداف الاستراتيجية الخمسة للقطاع ومن تحليل معمّق لمختلف العناصر المكونات تم تطوير 10 برامج رئيسية ، يشتمل كل منها على مجموعة من المبادرات الاستراتيجية.
البرنامج 1: نظام المياه واللوائح التنظيمية لإدارة الموارد المائية
يهدف البرنامج إلى تقديم سلسلة شاملة من السياسات وتنفيذ إطار قانوني وتشريعي مناسب لإدارة الموارد المائية. وتقوم الوزارة بتنفيذ هذا البرنامج.
البرنامج 2: إدارة الموارد المائية
تم تصميم برنامج إدارة الموارد المائية على نحوٍ ينفّذ إدارة وتخطيط الموارد المتكاملة في المملكة العربية السعودية. كما يهدف إلى ضمان أفضل استخدام للموارد المائية المتوفرة من خلال ترشيد الموارد الحالية مثل المياه الجوفية المتجددة والمياه السطحية ومياه الصرف المعالجة. كما يعمل البرنامج أيضاً على خفض معدلات الاستهلاك الحالية في القطاعات البلدية والزراعية. ويشمل هذا البرنامج 15 مبادرة وتشرف عليه الوزارة.
البرنامج 3: جاهزية القطاع لإدارة حالات الطوارئ
يهدف برنامج جاهزية القطاع لإدارة حالات الطوارئ إلى ضمان استمرار جاهزية قطاعات المياه والصرف الصحي لمواجهة أيّ تعطّل في العمليات اليومية الاعتيادية. ويضمن هذا البرنامج أخذ وزارة البيئة والمياه والزراعة والمرافق ذات الصلة في الاعتبار كافة المخاطر المحتملة التي من شأنها تعطيل العمليات في كلّ خطوة من خطوات سلسلة إمداد المياه. سيتم إنجاز هذا البرنامج برعاية وزارة البيئة والمياه والزراعة وكالة شؤون المياه ويتضمّن ثلاثة مبادرات.
البرنامج 4: البحث والتطوير وبناء القدرات
يعمل هذا البرنامج على الارتقاء بالبحوث والتطوير والتوطين وعلى تحسين قدرات القيادة وإدارة المياه. سيتم إنجاز هذا البرنامج برعاية وكالة شؤون المياه في وزارة البيئة والمياه والزراعة ويشمل ثلاثة مبادرات.
البرنامج 5: كفاءة سلسلة التوريد وجودة الخدمة
ما زالت سلسلة إمداد المياه في المملكة العربية السعودية تواجه عدّة تحديات تشغيلية وتحديات في جودة الخدمة. تقترح الاستراتيجية برنامجاً لتحسين عمليات القطاع وتقديم الخدمات، على أن يتم إنجاز هذا البرنامج برعاية شؤون التوزيع في وزارة البيئة والمياه والزراعة ويشمل سبعة مبادرات.
البرنامج 6: اللوائح التنظيمية لخدمات المياه
يهدف برنامج اللوائح التنظيمية لخدمات المياه إلى الحرص على أداء الجهة الناظمة، أي هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، لدورها في تنظيم خدمات المياه والكهرباء والإنتاج المزدوج. ويرتبط هذا البرنامج ارتباطاً وثيقاً ببرنامج السياسات والقوانين والتشريعات لأن الجهة الناظمة سوف تُشرف على (1) منح التراخيص والرخص لمقدّمي الخدمة، (2) مراجعة التعريفات البلدية والصناعية و(3) تطبيق الاتفاقات التجارية المناسبة وموازنة الحسابات. وستكون هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج مسؤولة عن رعاية هذا البرنامج. سيتم إنجاز هذا البرنامج برعاية هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج ويشمل أربعة مبادرات.
البرنامج 7: إعادة هيكلة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة
يجري تطوير هذا البرنامج في إطار استراتيجية تخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. وينضوي على إعادة هيكلة وتحوّل المؤسسة لتحقيق المهمّة المُناطة بها. سيتم تنفيذ هذا البرنامج برعاية المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ويتضمّن ثلاثة مبادرات.
البرنامج 8: اشراك القطاع الخاص في الإنتاج ومعالجة مياه الصرف الصحي
جرى إعداد هذا البرنامج في إطار مشروع استراتيجية تخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. ويركّز على تجميع أصول الإنتاج ومعالجة مياه الصرف الصحي لأهداف التخصيص وسيتم إنجازه برعاية شركة الماء والكهرباء ويتضمن ثلاثة مبادرات.
البرنامج 9: إعادة هيكلة التوزيع واشراك القطاع الخاص
يهدف برنامج إعادة هيكلة التوزيع إلى تحويل بنية قطاع التوزيع عبر مواءمة مرافق التوزيع وضمان استعدادها لعملية التخصيص. سيتم إنجاز هذا البرنامج برعاية شركة المياه الوطنية ويتضمن أربعة مبادرات.
البرنامج 10: إعادة هيكلة المؤسسة العامة للري وتحسين الري
يسمح هذا البرنامج بإعادة هيكلة هيئة الري السعودية والمعروفة سابقاً بهيئة الريّ والصرف بالأحساء لتوسيع الدور المناط بها. سيتم إنجاز هذا البرنامج برعاية هيئة الريّ السعودية ويتضمن ثلاث مبادرات.
وللاطلاع على تفاصيل الاستراتيجية كاملة اضغط على الملف أدناه :
الاستراتيجية الوطنية للمياه ٢٠٣٠.pdf